dimanche 19 avril 2009

جدي يقرر موته الخاص 39

الى جدي, اعلى عمامة في واحة افركلة.

جدي من امي هو موحى واحماد المخماخ وهو في الحقيقة من عائلة "فاسكا" لكنه اسمى نفسه بالمخماخ لحبه في التمخميخ: أي انه كان يحب الاكل اللذيذ.
لم تكن مائدته تخلو من اللحم والديسير "الفواكه" رغم شح مصادر الواحة لكنه كان جزارا ذات زمن ولهذا كان يحب اللحم ولهذا لم يترك ارثا لابنائه خارج بيته الطيني وبضعة حقول جف عنها الماء منذ زمن. هكذا لم يجد الابناء ما يتخاصمون حوله في الارث.
شارك المخماخ في حرب "الحدادة" على الحدود المغربية الجزائرية وهو معالج تقليدي , يداوي الناس , يخلع الاضراس ويمص سم العقارب والافاعي ويقال ان له البركة ولكني اظن ان هذا راجع الى الاستعمال المطول للشقوفة والتاباغا الطبيعي الذي يزرعه في الحديقة الخلفية لبيته.
غالبا ماكان المخماخ يعالج الناس مجانا ولايدفع الا الاغنياء وهم قلائل في واحة تصنف ضمن المغرب غير النافع.
المخماخ كان ايضا مرابيا يقرض الناس فيفك ضائقتهم فيفيد ويستفيد في زمن لم تكن فيه ابناك وحتى ان كانت فليس للفقراء اليها سبيل. كان يستثمر امواله مع اصحاب المواشي وهي قليلة في الواحة الا بعض الماعز وكان يستثمر مع صاحب فرن خشبي ايضا.
ذات صباح من مارس 1989 ذهب المخماخ في كامل اناقته الى سوق تنجداد المركز وكان رجلا طويل القامة , اسمر اللون ويرفل دائما في ملابس نظيفة وله صوت لايعلو عليه صوت.
دخل السوق وجمع امواله من الجميع ووضعها في "اقراب" وهي محفظته الجلدية التي تصاحبه منذ زمن بعيد . سلم على الجميع وعاد بالكثير من اللحم وقال لجدتي:
-اليوم وغدا تصنعين طعام الظهيرة والمساء باللحم
استغربت جدتي فان كان طعام الظهيرة لايخلو من اللحم فانهما غالبا مايكتفيان بسكسو دوغو أي الكسكس باللبن في المساء
اتى جدي على كل اللحم في ظرف يومين خرج خلالهما الى مجلسه امام باب ايت مرغاد بكصر "كاردميت" ومجلسه تحت "تالكووت" وهي شجرة عريقة تم قطعها بعد موته وتحت تالكويت يلحظ القادم من بعيد عمامة المخماخ وهو من يبث في الخلافات بين الناس ورايه مسموع من الجميع بالرغم من عدم تدينه الشديد وعلاقته بالدين لم تتجاوز الصيام.
حل يوم الثلاثاء من شهر مارس 1989 فرقد المخماخ في الفراش في غرفته بالطابق السفلي التي كان دائما يعيش فيها فيما تعيش جدتي في الطابق العلوي وبه المطبخ التقليدي والعصري وسقيفة الاستقبال وغرف النوم.
اتته جدتي باحلاب حساء الصباح وقال لها
- تعالي يامراة انا ساموت اليوم , وفي اقراب هناك مايكفيك لجنازتي فلا تطلبي من الاولاد شيئا.
قالت جدتي جزعة
- كيف تموت يامخماخ ؟ لست مريضا وتبلغ بالكاد 97 عاما وفي عائلتك كلها تتجاوزون المائة عام.
فقال المخماخ
- ياامراة انا قررت الموت اليوم ويكفي 97 عاما فاستدعي الاولاد الذين في الواحة وابرقوا للاخرين ليحضر الجميع جنازتي
تجمع اخوالي وخالاتي الذين في الواحة حول جدي ولم يطلب فقيها بل طلب صديقا كان رفيق "السيبا" والمقاومة ضد الاستعمار وجدي لم يطلب يوما مقابلا لهذا وعاش على عضلاته حتى وفاته.
كان المخماخ يقول للحاضرين
- احس بالموت في قدمي, انها تصعد الى ركبتي , لقد بلغت فخذي,, مات البطن
وحين ضاق التنفس طلب شقفا اخيرا هياه له ابنه الاكبر ودخنه وجاءت جدتي وقالت له
- اسامحك يامخماخ " وكان غليظا معها " فاطلب مغفرتي , اسامحك وتذهب مرتاحا
ويجيبها المخماخ
- يامراة الله وحده يغفر
- اسلم جدي روحه لبارئها بعد قرار شخصي لموت خاص هو الموت الذي اخبرني به اسبوعا قبلها وهو ماتتحدث عنه" طيور بيضاء" باكورة اعمالي .
- ذهبت امي وحيدة الى الجنازة اذ كنا وقتها في مجهود حربي لتمويل دبلوم الدراسات العليا في علوم التربية لابي .
- لم اذهب الى الجنازة لكن الجميع قال ان واحة افركلة كلها خرجت في جنازة رجل هو المخماخ ولم يكن من اغنياء الواحة فنحن قوم مجدنا لاعلاقة له بالمال.
-
- اضاءة: هذا النص ضبط على الموت الحقيقي لجدي من امي وهو رجل يختلط فيه الواقع بالاسطورة وسيحضر في هذا المقام كاحد اهم شخوص الف قصة وقصة عن مغرب لاينتهي .

3 commentaires:

  1. "Makh makh yaoua Makh hati tzriiit
    hati tzriiit" Al makhamkh , ce bon vivant a toujours été glorieux vivant, il l'est encore plus après sa mort et ce grâce au talent de Hanane et à sa prouesse de narratrice sans pair.
    Bravo hanane, laisse couler l'adorable flot de tes agréables récits

    RépondreSupprimer
  2. "المخماخ"
    ما ريت ليك مثيل فالدشر
    انت يامخماخ مصباح لقصر
    حكايتك تطول العمر
    كلام حنان حليب
    كلامها حلى من الثمر

    RépondreSupprimer
  3. مات الجد ولم يترك مالا(الا لجنازته) ولم يترك وصية فماذا فعل الاولاد بعده بالواحة... بعد مرور عقد واكثر..بما تذكره احفاده..حتى انهم قطعوا شجرته المفضلة... حلقت اسراب الطيور البيضاء على مشارف المدينة..واعادت معها الحنان ..الى الاماني المؤودة..واقترن الحنان في ذاكرتي باللون والاخضر.والاخضر بالحياة..وانتظر كل يوم قصة ..بشغف ..لالونها

    RépondreSupprimer